jeudi 26 juin 2008

بين التعلّم و التعليم و التنبّؤ و التنجيم


لعلّ أوّل طلب أريد التوجّه به إلى السيّدات و السادة القرّاء أن يرفقوا قراءتهم لهذا المقال بموسيقى هادئة حزينة من شأنها أن تُحمّم قلوبهم و تدخل عليها رغبة جيّاشة في العطف و الشفقة على مستقبل و آمال الطلبة من أبناء هذه البلاد الدائمة السعادة.

و كما ستلاحظون فإنّ كاتب هذا المقال من هواة الإثارة السهلة و الحزن المصطنع و هو متابع وفيّ لبرنامج "زمانSport" الذي يهتمّ بإبراز تعاسة وهموم بعض الرياضيّين القدامى ممّن أدار لهم الزمان ظهره في غياب منظومة فعّالة للتغطية على المرض و الضمان الاجتماعي تتكفّل بتغطية مصاريف العلاج و تؤمّن لهم و لغيرهم من المستضعفين بعض متطلّبات العيش الكريم.

و بما أنّنا في فترة الإعلان عن نتائج الامتحانات التي إتّبعت فيها أغلب كلّياتنا منهج المرحوم Jacques Martin في إنجاح الجميع و التي تتزامن مع قرب دخول ما سٌمّي بقانون التعليم العالي حيّز التطبيق و نظرا لأهمّية هذه المسألة فإنّي رأيت أنّه من الضروري أن أستشير واحدا منن أهل الذكر ممّن تمّ إقصائهم سواء عند إعداد مشروع القانون أو بمناسبة النقاش الذي تمّ على أعمدة الصحف. و بفضل معارفي و استعمالي المتكرّر للتاكسي في المدّة الأخيرة فقد تمّكنت من الإتّصال بأحد العرّافين المنجّمين ممّن قيل لي في شأنهم أنّه " أوليدها" و "يدّو... تجمّد الماء" و هو اختصاصي حسب ما يبدو في حلّ مشاكل العقم و العنوسة عند النساء و عدم الانتصاب بالنسبة للرجال و في "إصلاح ذات البين" بين الأزواج... إلى جانب قدرته الخارقة على التكهّن بالأحداث الوطنيّة والعالميّة انطلاقا من قراءة الصحف اليوميّة و الأسبوعيّة فقط.

و ليس هذا العرّاف ممّن ستجدون صورهم و تعبيرا على قدراتهم الخارقة في المقالات الإشهاريّة التي تعجّ بها بعض الصحف الأسبوعيّة "بودورو" إذ هو عرّاف عصامي التكوين, لا يتمتّع بشهادة معترف بها من الإتّحاد الدولي للعرّافين و لا من الجامعة العالميّة للعلماء الروحانيّين و لا حتّى من المنظّمة العالميّة لفنون الشعوذة. لذلك وجدته بصدد تكوين منظّمة دوليّة مختصّة سيكون مقرّها بمكتبه. وبطبيعة الحال كان هذا النقص في التكوين و الشهائد هو السبب الذي جعل وزارة التعليم العالي, و هي الحريصة جدّا على المسألة, تقصي "صديقنا" العرّاف من فريق المنجّمين الذين تمّ الاستئناس برأيهم عند صياغة مشروع قانون التعليم العالي الذي سينظّم الجامعة التونسيّة و يُحدّد مستقبل الأجيال القادمة من أبناء و شباب هذه البلاد. هذا كلّه لم يمنع السيّد العرّاف من إعطاء تكهّناته حول المسألة انطلاقا من الخطاب الذي ألقاه وزير التعليم العالي, في شكل حوار قام به صحافيّان في قمّة الاحتراف.

في البداية قدّم لي "صاحبنا" لمحة عن دليل التوجيه المفترض بالنسبة للسنة الجامعيّة 2014-2015 مع تفسير الأسباب التي دعت لخلق بعض الشعب القصيرة و حذف بعض الشعب الطويلة:

فبالنسبة لكلّيات الطبّ و الصيدلة, فقد تمّ حذف اختصاص طبّ الأذنين و مقاومة الصمم و الطرش إذ لا حاجة للبلاد له و حتّى بالنسبة للأطبّاء المختصّين في المسألة فإنّ من بقي منهم في تونس هو بانتظار عرض للعمل بأحد مستشفيات فرنسا للّحاق بمن سبقه من زملائه.

لكن و في إطار مسايرة التكوين و الشهائد الجامعيّة لمتطلّبات سوق الشغل و أمام العدد المتنامي لمحلّات الأكلة السريعة و حاجة المشغّلين ليد عاملة ذات كفاءة عالية, سريعة الانتداب, سهلة الطرد و زهيدة التكاليف, تقرّر إحداث شهادة "فنّي سامي في إعداد الكفتاجي" ستدرّس في كلّيات الطبّ, رمزها في دليل التوجيه هو B52 مع التنبيه إلى ضرورة عدم الخلط مع الرمز 29 B المتعلّق بشعبة "فنّي سامي في إعداد اللبلابي" و الرمزB2 المرتبط بشعبة "فنّي سامي في إعداد اللبلابي بالهرقمة" التي تقتضي إضافة ستّة أشهر من الدراسة مع ضرورة التحصّل على شهادة "فنّي في تنفيخ الحمص و إعداد الهريسة العربي" التي توازي سنة من الدراسة تعتبر كجذع مشترك بين الشعبتين المذكورتين. علما أنّ هذه الاختصاصات يتمّ تدريسها كذلك في إطار شهادة الدراسات المختصّة لفائدة الأطبّاء المختصّين في أمراض المعدة و الأمعاء و العذر مع إعفاء هؤلاء من التربّص المهني و من إعداد مشروع ختم الدروس. و هنا فإنّي أُؤكّد بوصفي من هواة الكفتاجي و اللبلابي على عمق هذه الإصلاحات و أدعو بمزيد الاهتمام بهذا القطاع الهمّ و الحيوي بالنسبة للعديد من التونسيّين.

و هنا أضاف منجّمي أنّه بالنسبة للسنة الجامعيّة 2016-2017 سيتمّ إحداث شهادة "فنّي سامي في إعداد الشورمة" بالاستعانة بمدرّسين من سوريا و تركيا و العراق و شهادة "فنّي سامي في إعداد المايوناز" و ذلك نزولا عند رغبة المهنيّين, علما أنّه بالنسبة للشهادة الأخيرة, و أمام حتميّة تعريب منظومة التعليم العالي برمّتها, لن يتمّ الالتجاء إلى الخبرات الفرنسيّة. هذا إضافة إلى التفكير في إحداث شهادة فنّي سامي في إعداد الشاباتي.

أمّا بالنسبة لدراسات الهندسة المعماريّة و الفنون الجميلة و أمام الدور الإستراتيجي الذي يلعبه قطاع البناء و أهمّية الاستثمارات الإماراتية في هذا المجال فسيتمّ إحداث "شهادة فنّي سامي في تخليط الإسمنت" رمزها في دليل التوجيه هو 117 F و شهادة "فنّي سامي في تكسير الجدران" رمزها 16 Fو شهادة "فنّي سامي في إعداد الشاي الأحمر" رمزها F18 و شهادة "فنّي سامي في صبّان الدالّة", رمزها F15 و غيرها من الاختصاصات الجديدة و المتنوّعة التي يتمّ اختيارها إثر جذع مشترك بسنة و نصف تسند على إثره شهادة " فنّي في العلوم العامّة للمرمّة".

و لعلّ روح التجديد و الحرص على دفع طاقة التفكير ونشر الفكر العقلاني لدى الطلبة تبرز أكثر فيما يتعلّق بشعب علوم الاجتماع و الفلسفة و العلوم السياسيّة. إذ أنّه أمام عدم حاجة البلاد إليها و إحالة أغلب المدرّسين فيها على التقاعد أو هجرتهم إلى الخارج, فسيتمّ تجميعها في شعبة واحدة رمزها T72 سيتمّ التدريس فيها بالاستعانة بخبرات و دكاترة و مختصّين من دول خليجيّة صديقة أصبحت مثالا يحتذى به بالنسبة لتونس فيما يتعلّق بمنظومة التعليم العالي.

و أمام حرص الدولة على تنظيم قطاع العرّافين و العزّامة, قال لي صاحبي سعيدا مغتبطا عند توديعي بأنه سيتمّ إحداث شهادة "فنّي سامي في التعزيم و مقاومة السحر" رمزها T54 و شهادة "فنّي سامي في مقاومة العبابيث و الأرواح الشرّيرة" رمزها T83 و ذلك بالتعاون مع أحد الاتحادات الفلكيّة المذكورة أعلاه.

و لن يتّسع المجال هنا لأذكر كلّ ما أشار إليه السيّد المنجّم من إحداثات ثوريّة مرتقبة على مستوى شعب التعليم العالي بالنسبة للسنة الجامعيّة 2014-2015 كشعبة "فنّي سامي في تحليل المقابلات الرياضيّة" المطلوبة بكثرة في قنواتنا التلفزيّة و شعبة "فنّي سامي في حراسة السيّارات". سأكتفي بهذا القدر مع العلم بأنّ تكهّنات العرّاف تقول بأنّ وزير التعليم العالي المحبوب من الجميع باق هو نفسه, لن يتغيّر و لن يُغيّر و لن يشمله أيّ تحوير وزاري على الأقلّ من هنا إلى سنة 2014 . فبطبيعة الحال فإنّ معايير الكفاءة و الجودة لا تُطبّق على الجميع.

لقد سمحت "مدرسة المسعدي" –رحمه الله رحمة واسعة و لعن سدّه و غيلانه و ميمونته- للعديد من أبناء الفقراء و الأرياف, بعضهم الآن من كبار المسئولين والوزراء, بكسب نصيب من العلم و المعرفة و بصعود درجات المجتمع إلى درجات و وضعيّات محترمة و مرموقة. و هم الآن قد تناسوا ذلك عند سنّهم للقوانين و عند إصدارهم لقرارات النقل و عند اختيار المتعاقدين. و هنا قد ماتت "مدرسة المسعدي" بفعل فاعل و تنبّؤا معنا بما تٌخبِؤه "جامعة إرجع غدوة" للأجيال القادمة.

Bounnour.

2 commentaires:

الحلاج الكافي a dit…

يعطيك الصحة والله بردلي قلبي في جنس الخشب

Anonyme a dit…

Sympa comme article... aimé le diplôme en tanfikh el 7omes...